القرطاس والقلم عن يميني، والحاسوب وفأرته أمامي، وليس لي والله ما أقوله ولاحتى فكرة صغيرة جديدة تستهويني كي أرويها، كل أفكاري قد عرفت الابتذال، بل لا شيء في الذهن سوى بياض يغشاه بياض في قلب بياض. أكلما وجدت فكرة في التو أتذكر أني قد قلتها أو أنها قيلت من قبل أن تخطر على بالي ؟! بل أحيانا كثيرة أجدها ولكثر تداولها ترجمت لعدة لغات. فأعاود البحث من جديد، ومن جديد أجدني أسقط في شباك فكرة هي الأخرى لا تقل إيغالا في القدم عما سبقتها من أفكار مستهلكة عافه الثرثار والمحب للاختصار،   وأسأل العراف " google " عن الجديد فيعرض علي أفكار و"تيمات" مكررة في كل المواقع. أيمكن أن يكون هذا مؤشر على أننا في زمن عِنَّةِ الإبداع؟ أم أنه قد قيل - من ذي قبل - كل ما يمكن أن يقال – لاحقا - ؟ لعل الكون قد أصبح: " Over doz" بالإبداع؟ أو أن الأمر إعلان عن اقتراب العالم من قبره! أنا نفسي مللت سماع نفسي، ولا أكلمها، فكيف أصيخ السمع لترهات المهرطقين القائلين بأن الشعر الحر حر ولكل حريته في تسمية ما يحطه شعرا أو سردا أو هما معا، أو حتى بدون تسمية على جداره ب " الفايس بوك"؟ كيف يطيق المرء التواصل في هذا الضجيج؟ أنا عن نفسي لن  أطيق البقاء في هذا الكون الصاخب صامتا ولن أقبل ألا يكون في جعبتي ما أرويه؟ لن أصمت؛ وعلى القرطاس خُّطَّ يا قلمي ولتدَوِّنْ يا حاسوب أني لن أحزن لموت جسد لم يعد يحملني ولا عدت أنا أحمله، يمشي بي وأمشي بدونه، ولن أهادن أو أخرس ولو كبلوني وكمموني وفي بحر البكم أغرقوني، سأُسمع كلامي الحمام واليمام إن صم البشر، أما عن حالي فأنا وبدون حاجة لمال قادر أنا أن أطفو وأسمو بي عاليا فوق كل الطبقات ( غير ) البشرية، جوادي البديل؛ خَيَالٌ يحلق بي وأحلق به إلى بلدان ساحرة لم يكتشفها "كريستوف كولومبوس" وأبحر بي في شطآن ما شاهدتها عيون السندباد، كل الطرق الموصلة إلى مبتغاي أنا الذي أعبدها لي بأحلام منسوجة من الحرير الخالص؛ طلبات الشغل التي أبعثها إلى كل الوزارات، أنا من يجعلها تتلقى القبول والترحيب من قبل كل الوزارات، وأرغمها على انتظار ردي بعد أن أختار منها الأقل جهدا والأكثر أجراً (إذا ما راقت مزاجي).

 ها أنا ذا أراني أمشي الهوينا والناس على جُنُبِي تحييني، وها زوجتي  المكتنزة (شحما ومالا) بنت علية القوم تَعْلَقُ بي، وها هاتف السهر مع العشيقات الرشيقات يرن ويعاود الرنين، وها ميساجاتهن الغرامية تهل علي بالعشرات. سائق طائرتي الفارهة لا يكاد ينزع قبعته فمشاويري إلى كل الأقطار لا تكاد تتوقف؛    من بغداد - قبل أن يحل بها الأمريكان -  إلى الصين بلاد " جاكي شان "، أو إلى نخيل رمال " هاويا " تظللني، وكأس " الشامبانيا " بفواكهه " الإيكزوتيكية " في يدي يثلج حري، ومن حولي بنات الجزر السمراوات، تحملن سعفات صغار النخيل ترقصن، وتلوحن بمؤخراتهن وكذا بمقدماتهن في كل الإتجاهات، على قرع طبول إيقاعاتها موغلة في بدائية ( أبدية ) لذيذ.وإن شئت بنيت لي قصورا في الهواء، ولما ينفذ بنزين خيالي أصيرها أشلاء، وأعود لأهلٍ وأصدقاءٍ ينتظرون بلا شوق أن تصيبني لعنة الفراغ؛ وأستسلم لهستيرية الجنون أو أضاف إلى طوابير المعطلين الفائضين الواقفين على بوابة هذا الوطن الأمين، لكن عنادي يحبط أفق انتظارهم فأعود لمقعدٍ بالمقهى أرقب الفراغ بعيون أفرغ من فؤاد أم معطل، لا شيء معي سوى حاسوب وقرطاس وقلم وخيبتي في الحصول على شغل ولو بكتابة قصة الفراغ.

 

 

 
0 2:41 م

تواصل معنا وراسلنا عبر هذا النموذج

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

بحث هذه المدونة الإلكترونية

عدد الزائرين

عدد الموضوعات

تواصل معنا